مكّة المكرّمة أو أمّ القرى كما ذكرها القرآن الكريم، هي المدينة المقدّسة التي يوجد فيها المسجد الحرام والكعبة المشرّفة، وهي بلد الرّسول عليه الصّلاة والسّلام وقبلة المسلمين، وقد بناها أبو الأنبياء إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السّلام قبل ما يقارب ألفي سنة قبل الميلاد، وتبلغ مساحتها 850 كيلومتر مربّع، بينما تبلغ مساحة المنطقة المأهولة منها 88 كيلومتر مربّع، والمنطقة المحيطة بالحرم المكّيّ هي 6 كيلومتر مربّع، كما يوجد لمكّة أكثر من خمسين اسماً عبر القرون المختلفة.
نشأة مكّة المكرّمة قبل الإسلامويظهر الجيولوجيّون والمؤرّخون وجود مكّة قبل نبيّ الله إسماعيل ودمارها ممّا جعلها أرضاً جرداء عندما وصل إليها، ولكن ممّا لا شك فيه أنّ تاريخ مكّة يبدأ حينما هاجر إسماعيل وهو طفلٌ صغير برفقة أبيه إبراهيم وأمّه هاجر عليهم السلّام إليها، فعندما عطش إسماعيل عليه السّلام وأمّه هاجر تطوف حول الصّفا والمروة سبعة أشواط، تفجّر بئر زمزم تحت قدميه وعندها كانت بداية مكّة، فحينها عرف أشخاصٌ من مدينة جرهم وجود الماء في تلك المنطقة فسكنوها مع هاجر وإسماعيل عليه السلّام فكانوا أوّل سكّانها.
بعدها تعلّم إسماعيل عليه السّلام العربيّة من قبيلة جرهم وتزوّج من فتياتها، وبعدها جاء إبراهيم عليه السّلام إلى ابنه إسماعيل وبلّغه أمر الله تعالى ببناء الكعبة المشرّفة، فقاما عليهما السلّام ببناء الكعبة المشرّفة فكان إسماعيل عليه السّلام يناول أبيه إبراهيم الحجارة والتي يقوم ببنائها، وعندما ارتفع البنيان صدّ إبراهيم عليه السّلام على حجرٍ ناوله إيّاه إسماعيل عليه السّلام، وهو ما يعرف حاليّاً بمقام إبراهيم.
فيما بعد انتقلت الزّعامة في مكّة إلى قبيلة خزاعة التي انتزعوها من جرهم بعد بغيهم في مكّة بعد أن استمرّ حكمهم حتّى القرن الثّالث للميلاد، واستمرّ بعد ذلك حكم خزاعة ما يقارب ثلاثمائة سنة انتقل بعدها إلى قريش في منتصف القرن الخامس للميلاد، فأصبح قصيّ بن كلاب زعيماً لقريش، ثمّ إلى ابنه عبد الدّار ثمّ إلى هاشم بن عبد مناف ثمّ عبد المطّلب جدّ الرّسول عليه الصّلاة والسّلام، وظلّت سدانة الكعبة في بني عبد المطّلب إلى يومنا هذا.
قام عبد المطّلب بكشف بئر زمزم من جديد بعد رؤياه في المنام بأنّه يحفّر بئر زمزم، وفيما بعد في الثّاني عشر من ربيع الأوّل من عام الفيل ولد النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم الذي قام بتغيير جذريّ في مكّة المكرّمة، أمّا سبب تسمية عام مولده بعام الفيل فيرجع إلى هجوم أبرهة الأشرم على مكّة بجيش كبير ومحاولته لهدمها بالفيلة، وذلك لكي يجذب الزّوّار إلى الكنيسة الضّخمة التي بناها ليحجّوا إليها، وعندها توقّفت الفيلة ولم تقم بهدم الكعبة، وبعث الله تعالى بالطّير الأبابيل من عنده والتي رمتهم بحجارةٍ من سجّيل، كما أخبر الله تعالى في القرآن الكريم فدمّر الله تعالى جيشه وحمى الكعبة.
بعدها ظهر الإسلام في الأرض وأصبحت الكعبة المشرّفة هي قبلة المسلمين التي يتوجّهون لها في الصّلاة، والكعبة المشرّفة مكان الحجّ والعمرة، والمسجد الحرام أفضل المساجد في الأرض، وفتح الرّسول مكّة وأصبح الإسلام فيها ظاهراً وديناً، والسّبب الرّئيسيّ للاعتناء بها وظهورها في الأرض حتّى الآن فما يزال الاهتمام بمكّة إلى يومنا هذا وخدمتها بشتّى السّبل الممكنة وتوسعتها بشكلٍ مستمرٍّ لكي تستوعب أعداد المسلمين.
المقالات المتعلقة ببحث عن مكة المكرمة